التعريب قرار سيادي.. لا يحتمل التأجيل/ أعمر لوليف

في الوقت الذي يتطلع فيه الشعب الموريتاني إلى ترسيخ هويته الوطنية، يظل ملف تعريب الإدارة والتعليم أحد أكثر الملفات إلحاحًا وشرعية.
فالدعوة إلى التعريب ليست دعوة إقصاء، بل نداء للعدالة اللغوية وتفعيل ما ينص عليه الدستور الموريتاني، الذي يقرّ بأن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد.
لا يمكن للأغلبية أن تظل رهينة لأجندات أقلية سياسية أو ثقافية، ولا يُعقل أن نستمر في التعلم والعمل بلغة أجنبية لا تمثلنا، ولسنا متمكنين منها.
إن تعريب الإدارة لا يتطلب حملات معقدة أو ميزانيات ضخمة، بل يحتاج ببساطة إلى قرار سياسي شجاع. قرارٌ يُعيد اللغة الوطنية إلى مكانتها الطبيعية في الدوائر الحكومية، وفي المؤسسات التعليمية، وفي الحياة العامة.
يخطئ من يظن أن هذا التوجه معادٍ للغات الوطنية أو الأجنبية. على العكس، نحن ندعو إلى تعليمها والانفتاح عليها، ولكن بمرجعية لغوية وطنية تحفظ للبلد وحدته وهويته.
لقد كانت اللغة العربية، قبل الاستعمار الفرنسي، لغة التواصل المشتركة بين جميع مكونات المجتمع الموريتاني: عربًا وفلانا وسونينكي وولوف، كما أكد الدكتور كان هاديا، نائب رئيس الرابطة الوطنية لتخليد بطولات المقاومة.
ويؤكد التاريخ كذلك أن التعايش كان سلميًا بين مختلف المكونات قبل دخول المستعمر، وأن التقسيم اللغوي لم يكن مطروحًا كما هو اليوم.
إنه لأمر مؤسف أن يعيش المواطنون في بلد واحد، يحملون نفس الجنسية، ويعملون في نفس المرافق، لكنهم يحتاجون إلى مترجمين ليفهم بعضهم بعضًا!
اللغة العربية يجب أن تكون لغة الإدارة والعمل، لغة الجميع، لا استثناء ولا تأجيل.
فالتجارب التاريخية تُثبت أن كرامة الشعوب تبدأ من لغتها، وأن الأمم لا تُبدع إلا بلغاتها الأصلية.
والعربية، إلى جانب ثرائها وسحرها، يكفيها شرفًا أنها لغة القرآن الكريم.
إن التعريب ليس نزعة تعصبية، بل هو محاولة لتصحيح مسار مختلّ، أما التمسك بلغة المستعمر بعد عقود من الاستقلال، فهو الوجه الحقيقي للتعصّب والتبعية.
وعليه، فإننا نناشد السلطات العليا في البلاد، وعلى رأسها رئاسة الجمهورية، أن تتخذ قرارها السيادي دون تردد:
تعريب الإدارة والتعليم.. قرار لا يحتاج إلا إلى شجاعة، وقرار فقط.