بوابة التحول الاقتصادي… موريتانيا على عتبة جديدة/ المهندس والنائب أحمد جدو ولد الزين

تدخل موريتانيا اليوم مرحلة فارقة في تاريخها الاقتصادي، تقف فيها على أعتاب تحولات استراتيجية غير مسبوقة، بفضل ما تمتلكه من ثروات طبيعية متنوعة، وموقع جيوسياسي و جيواستراتيجي يمنحها قابلية للعب دور محوري في محيطها الإقليمي والدولي.

ففي مقدمة هذه الموارد، تأتي الاحتياطات الكبيرة من الغاز الطبيعي، وخاصة تلك المرتبطة بمشروع “السلحفاة الكبرى آحميم” الذي يشكل أحد أكبر مشاريع الغاز في المنطقة. وتُضاف إلى ذلك ثروات معدنية معتبرة من الحديد، والذهب، والنحاس، واليورانيوم، تمثل جميعها فرصة استراتيجية لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، وتنويع مصادر الدخل، والانفتاح على أسواق الطاقة والمعادن العالمية.

إلى جانب هذه الموارد الأساسية، تمتلك البلاد عناصر قوة واعدة يمكن أن تشكّل رافعات بديلة ومكمّلة للنمو، من أبرزها:
• ثروة بحرية ضخمة ذات قدرة عالية على الاستدامة إذا ما تم استغلالها وفق معايير علمية وبيئية حديثة؛
• فرص متقدمة في مجال الهيدروجين الأخضر، الذي بات اليوم في صلب سياسات الانتقال الطاقوي عالمياً؛
• مقدرات زراعية ورعوية هائلة، تمثل أساسًا لأمن غذائي متجدد، وقاعدة للتصنيع الغذائي والتحويل المحلي.

إن هذه الفرصة التاريخية للتحول لا يمكن أن تؤتي أُكلها دون إصلاحات جذرية في البنية المؤسسية للدولة، وتحديث آليات الحكم بما يضمن توجيه الثروات لخدمة المواطن، وتحقيق تنمية شاملة تُراعي العدالة الاجتماعية والمجالية.

ولذلك، فإن مراجعة الدستور، في هذا السياق، لم تعد ترفًا سياسيًا أو مطلبًا نخبويًا، بل ضرورة وطنية تمليها المرحلة، ويجب أن تتم في إطار حوار وطني شامل وجامع، يدمج كل القوى السياسية والاجتماعية والمدنية.

هدف المراجعة الدستورية إرساء مؤسسات قوية ومرنة، تستوعب تحديات المرحلة، وتحصّن الاستقرار، وتوزيع منصف للثروة، ومناخ اقتصادي سليم يُغلق الباب أمام الفساد، ويمنح للمستثمرين وللمواطنين على السواء ثقة في المستقبل.

و في الختام :
موريتانيا اليوم لا تفتقر إلى الموارد، بل تحتاج الى تحويل تلك الموارد إلى ثروات خادمة للتنمية، كما تحتاج إلى مؤسسات حديثة، ودستور يستجيب للتحولات الراهنة و المستقبلية، ويضمن استمرار جمهورية الفرص، والمواطنة، والكفاءة و الاستقرار و الإنصاف.

اللهم اجعل بلادنا من خير البلاد و اجعلها آمنة مطمئنة إلى يوم التناد.

بقلم: المهندس أحمد جدو ولد الزين

نائب عن حزب الإنصاف في الجمعية الوطنية

 

زر الذهاب إلى الأعلى