بين الانفتاح والصرامة: كيف تقود موريتانيا نموذجاً إفريقياً في إدارة الهجرة تحت قيادة معالي وزير الداخلية؟ / محمد الأمين الحسين – عمدة ادورارة

تحوّلت موريتانيا في ظل القيادة الآمنة لفخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في السنوات الأخيرة إلى نموذجٍ في عدة قضايا لعل أهمها نجاحا الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب والخطة الفعالة في التعامل مع ملف الهجرة بإدارة معالي وزير الداخلية محمد أحمد ولد محمد الأمين، الذي يدير هذا الملف بوطنية مخلصة و انفتاح مشروط ” بلدنا منفتح ومضياف -كان وسيظل-بلادنا منفتحة على المهاجرين لكن بطريقة قانونية” اقتباسا من كلامه . تجمع هذه الخطة بين الانفتاح الإنساني والتشدد في تطبيق القانون، مستندةً إلى اتفاقيات دولية وشراكات ذكية مع دول الجوار والاتحاد الأوروبي.
لم تكن إدارة هذا الملف الشائك منذ زمن بعيد سهلةً لدولة تحوَّلت -في نظر المهاجرين- من “منطقة عبور” إلى “وجهة استقرار” لتعدد فرص العمل, والاستقرار الأمني, والمرونة في التعامل مع مواطني دول الجوار-الأمر الذي استغله البعض من المهاجرين سلبا في موريتانيا -ما جعل وزارة الداخلية باعتبارها الجهة الحكومية المعنية بالملف تقوم بعملية تحيين دقيقة وعميقة لملف الهجرة بدأت ب:
فتح المجال لتصحيح وضعية المهاجرين مجانا
تنسيق مكثف ومستمر مع سفراء الدول مصدر الهجرة من اجل تحسيسي مواطنيهم بضرورة تصحيح وضعية اقامتهم
زيادة المعابر الحدودية 82 معبر منها معابر دولية وأخرى ثنائية لتسهيل الدخول بطريقة قانونية
كل ذلك سبيلا لتصحيح وضعية المهاجرين وإعطاء لفرصة محدودة الوقت من أجل تصحيح وضعية كل فرد على التراب الوطني حسب المسطرة القانونية
ومن ناحية أخرى، ومعالجة لظاهرة الهجرة من جذورها أعلنت وزارة الداخلية وترقية اللامركزية والتنمية المحلية عن إعلان مشترك مع الاتحاد الأربي يؤسس لشراكة في مجال الهجرة نظرا للأضرار المتفاقمة والأعباء الكبيرة التي تتحملها الدولة الموريتانية جراء تدفق المهاجرين من الجنوب للشمال تقوم هذه الشراكة على ضرورة الاعتراف بالجهود المبذولة بهذا الخصوص وأقتبس من بيان مندوبية الاتحاد الاربي الذي نشرته أخيرا ( الأمر يتعلق بإعلان سياسي في مجال الهجرة مع احترام مبدأ السيادة و حقوق الانسان و الالتزام بالقانون الدولي …تركز الشراكة على تعزيز التدريب الفني والمهني للشباب …مساعدة اللاجئين …تعزيز قنوات الهجرة القانونية …علاوة على ذلك وخلافا للمعلومات الخاطئة فإن الإعلان لا ينص بحال من الأحوال على إرسال مهاجرين في وضع غير نظامي إلى موريتانيا من أوروبا… ) اذا هو اطار شراكة يصب في منحنى واحد وهو المصلحة المشتركة من أجل تضافر الجهود وتكاملها في مكافحة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية مع احترام متبادل لسيادة الدول و شؤونها الداخلية
وقد بين معالي وزير الداخلية وترقية اللامركزية والتنمية المحلية في أكثر من مرة وفي مناسبات عدة من أن اتفاق الاطار مع الاتحاد الاربي أو غيره لن تُمسُّ السيادة الوطنية فيه ، مؤكداً أن الأولوية هي حماية الموارد المحلية من الاستنزاف، وتعزيز التشريعات التي تسدُّ الفجوات القانونية، و تحرم الاتجار بالبشر في توازن دقيق بين الانفتاح والصرامة لضمان إدارة متوازنة تحترم حقوق المهاجرين، دون إغفال الأولويات الأمنية.
ويكمن التحدي الأكبر في كيفية موائمة موريتانيا بين استيعاب المهاجرين وحماية مواردها المحدودة؟ الإجابة تبدو جلية من خلال تتبع النهج المعتمد والذي يقوم على مبدأ “الشرعية” كضابط لإيقاع كل الخطوات، سواء عبر تسوية الأوضاع القانونية للمهاجرين أو ترحيل المخالفين دون تردد وبصرامة.
هكذا تقدم موريتانيا درساً لإفريقيا: الانفتاح ليس تنازلاً عن الأمن و السيادة ، والتعاون الدولي ليس خضوعاً للضغوطات. فتحت قيادة معالي وزير الداخلية ، تُثبت البلاد أن الجمع بين الإنسانية والحزم ممكنٌ عندما تُدار الأولويات بذهنيةٍ استراتيجية، تُحوِّل التحديات إلى فرص و نقاط قوة, فالتعاون الذكي يمكن أن يحقق الأمن والتنمية معاً، دون التضحية بالسيادة أو الكرامة الإنسانية أو الخنوع للضغوطات الإعلامية المضللة.